سواه (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ).
ان تفرد الله عزوجل بالخلق يستلزم تفرده سبحانه بالملك وتفرده بالرزق. فهو خالق الخلق ومالكهم ، وكل ما يملكه الخلق هو من ملكه ورزقه وجوده وكرمه عليهم.
ومع أن حقيقة الخلق والتقدير فيه ـ كحقيقة انبثاق الحياة ، لم تكن تساق في القرآن المجيد ، لاثبات وجود الله ، وانما كانت تساق لرد الناس الى الرشاد كي ينفذوا في حياتهم ـ لان وجود الله لا جدال فيه عند أبسط المخلوقات ولذا عبدوا الاصنام لتوهمهم انها هي الله الذي يعترفون بوجوده بدون جدال ولا نزاع وأقوى دليل على اعتقاد الخلق أجمع بوجود الله عزوجل تشخيصه بأشكال عديدة. وان كانت عبادة الاصنام والشمس والقمر والنار وغير ذلك ضلالة كبرى ، الا انها ضلالة تدلك على اجماع الناس على وجود الخالق والرازق بفطرتهم الذاتية.
(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) ان الذين كانوا يطلبون في سذاجة ان يروا الله. كالذين يطلبون في سماجة دليلا ماديا على وجوده. هؤلاء وهؤلاء لا يدركون ماذا يقولون على حد سواء. انما خلق الحواس للانسان ليزاول بها ما يحتاجه في هذه الحياة وما ينبغي ان يعمله للحياة الثانية بعد الموت. وادراك اثار الوجود والانتقال منه الى معرفه عظمة الواجد القدير. اما ذات الله سبحانه. فهم لم يوهبوا القدرة على ادراكها. لأن المخلوق يمكنه ان يدرك امثاله من المخلوقات المحدودة المجسمة ولو ذهنيا ، اما ذات الله عزوجل الذي لا تحده حدود ولا يحويه مكان ولا زمان كيف يمكن تتصور ذاته المدارك والاهوام فضلا عن الحواس الخارجية فكل ما توهمته في مداركك فهو مخلوق