(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨)
وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩))
البيان : تتمة لمشهد الفلك الدائر بشمسه وقمره ونجومه ، وهي تتمة أيضا لعرض المشهد الكوني الهائل الرائع مرتبطا بحياة البشر ومصالحهم وكافة الاحياء الكونية.
وتبقى القاعدة ثابتة : قاعدة الاهتداء ، بهذه الاجرام في ظلمات البر والبحر ، سواء في ذلك الظلمات الحسية أو ظلمات التصور والفكر ، ويبقى النص القرآني الجامع يخاطب البشرية في مدارجها الاولى بهذه الحقيقة ، فتجد مصداقها في واقع حياتها الذي تزاوله.
وتبقى مزية المنهج القرآني في مخاطبة الفطرة بالحقائق الكونية ، صورة تتجلى من ورائها يد المبدع وتقديره وتدبيره ، صورة مؤثرة في العقل والقلب ، موحية للبصيرة والوعي ، دافعة الى التدبر والتذكر ، والى استخدام العلم والمعرفة ، للوصول الى الحقيقة الكبرى المتناسقة ويأتي هذا التعقيب (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : انها اللمسة المباشرة في هذه المرة ، اللمسة في ذات النفس البشرية ، والحقيقة في الذكر والانثى ، والحياة تبدأ فيهما خطوتها الاولى للتكاثر :
(قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) ، فالفقه هنا ضروري لادراك صنع الله في هذه النفس الواحدة ، التي تنبثق منها النماذج والانماط.