وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣) وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤))
البيان : انها العزة الكاملة لهذه العقيدة الصحيحة ، واستعلاؤها على قيم الارض الزائفة ، وتخلصها من الاعتبارات البشرية الصغيرة.
روى ان سبب نزول هذه الآية : انه كان بالمدينة قوم فقراء يجالسون رسول الله وهو يحدثهم ، فجاء يوما رجل من الانصار الى رسول الله ص وآله وعنده رجل من الفقراء فقعد الانصاري بعيدا عنهما ، فقال له رسول الله ص وآله تقدم ، فلم يفعل ، فقال له رسول الله لعلك خفت أن يلزق فقره بك ،
فقال الانصاري اطرده عنك حتى نأتي اليك فنزل في تلك الساعة قوله تعالى :
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)
لقد تقول هؤلاء الجبابرة على هؤلاء الضعفاء الفقراء من زخارف الدنيا الاقوياء في ايمانهم وعقيدتهم الاغنياء بتقواهم وصالحهم ، وعابوا على رسول الله ص وآله حيث يخصهم بحديثه ومجلسه.
وبقي فقراء الجيوب أغنياء القلوب في مجلسه وطرد المترفين ارباب الجاه والمال الزائف الزائل ، أولئك أغنياء بالاعمال الصالحة الذين لا يبغون الا وجه ربهم ورضاه فهو خير مما يجمعون.
واستقرت الموازين الاسلامية وقيمه على هذا المنهج الذي قرره خالق الانسان :
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا : أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا)