واذ يقرر ان اعتراض المعترضين على فضل الله انما ينشأ من الجهالة بحقائق الاشياء ، وان توزيع هذا الفضل على العباد قائم على علم الله الكامل بمن يستحقه من هؤلاء العباد ، وما اعتراض المعترضين الا جهل وسوء أدب في حق الله عزوجل :
(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ)
وهو التكريم ـ بعد نعمة الايمان واليسر في الحساب والرحمة في الجزاء ـ حتى جعل الله تعالى الرحمة كتابا على نفسه وهي رحمة يشملها العفو والغفران والرضوان.
روى عن ابن مسعود قال : مر الملأ من قريش بالنبي ص وآله ، وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب وأمثالهم من ضعفاء المسلمين ،
فقالوا : يا محمد رضيت بهؤلاء من قومك ، أهؤلاء الذين من الله عليهم من بيننا أنحن نكون تبعا لهؤلاء ، أطردهم عنك فلعلك ان طردتهم أن تنبعك. فنزلت الآية :
(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥))
البيان : يجب أن تبدأ الدعوة الى الله باستبانة سبيل المؤمنين ، وسبيل المجرمين ويجب أن لا تأخذ اصحاب الدعوة الى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة.
ان الاسلام ليس بهذا التمييع الذي يظنه المخادعون قام وظهر نور على الكون بتمامه أجل يجب أن يختار اصحاب الدعوة الى الله جماعة الاخيار الاتقياء الابرار المخلصين لخالقهم في دعوة الناس الى طاعته ، كي تنطلق طاقاتهم كلها في سبيل الله لا تصدها شبهة ولا يعوقها غبش ولا يميعها لبس ، فان طاقاتهم لا تنطلق الا اذا اعتقدوا في يقين انهم هم المسلمون. وان الذين يقفون في طريقهم ويصدونهم ويصدون الناس عن