وصدق الدعوة ، ولكنهم على الرغم من ذلك كانوا يرفضون اظهار التصديق ، ويرفضون الدخول في الدين الجديد ، انهم لم يرفضوا لانهم يكذبون النبي ص وآله. بل لان في دعوته لهم ودخولهم تحت قيادته خطرا على نفوذهم ومكانتهم وهو السبب الوحيد الذي من أجله قرروا الجحود والاصرار على العناد والامتناع.
(وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥) إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧))
البيان : انه الجد الصارم والحسم الجازم الى جانب التطمين والتسلية ، والمواساة ، ثم يبلغ الجد الصارم مداه ، في مواجهة ما عساه يعتمل في نفس رسول الله ص وآله ، من الرغبة المشتاقة الى هداية قومه لعلهم يعتدون ، ولكن في صدد الحسم في هذه الدعوة تجيء تلك المواجهة الشديدة في القرآن المجيد. (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً ...) وانه للهول الهائل ينسكب من خلال الكلمات ، وما يملك الانسان أن يدرك حقيقة هذا الامر ان هذه الكلمات موجهة من رب العالمين الى نبيه الكريم الصابر من أولي العزم ، الذي لقي ما لقي من قومه صابرا محتسبا ، ولم يدع عليهم دعوة نوح (ع).
ولكنه سبحانه ـ لحكمته العليا في الوجود كله ـ خلق هذا الخلق المسمى بالانسان. لوظيفة معينة تقتضي ـ في تدبيره العلوي ـ ان تكون له استعدادات معينة غير استعداد الملائكة ، من بينها التنوع في حدود من القدرة على الاتجاه بالقدرة الذي يكون عدلا معه تنوع الجزاء على الهدى والضلال.