هذا هو المشهد الناطق بالهول والرهبة والخسارة الضائعة ، تلك الخسارة التي لا عوض لها :
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ، وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
هذه هي القيمة المطلقة الاخيرة في ميزان الله عزوجل للحياة الدنيا ، وللدار الاخرة. وانما أفاد الذين اتقوا ربهم في الحياة الدنيا ، انهم لم يبيعوا أنفسهم وعزهم وآخرتهم ، بهذه الحياة الخداعة الزائفة الزائلة ، المشحونة بالمكاره والمصائب والشقاء.
(وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ) خير للذين يتقون أفلا تعقلون) والذين ينكرون الاخرة اليوم انما هم بهائم بل هم أضل كما وصفهم خالقهم بذلك فقال عزوجل :
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).
(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ).
(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ).
(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤))
ان مشركي العرب في جاهليتهم ـ وخاصة تلك الطبقة التي كانت تتصدى للدعوة من قريش ـ لم يكونوا يشكون في صدق محمد ص وآله ، فلقد عرفوه بالصادق الامين ، ولم يعلموا عنه نقصة ، في كل حياته معهم قبل الرسالة (٤٠) سنة ولم تكن تشك أيضا في صحة الرسالة