يبدأ الاختلاف في النظم ويتجلى في منهج حياة متكامل متناسق وتتبين قيمة الحياة الآخرة في بنائه تصورا واعتقادا.
ان انسانا يعيش في هذا المدى المتطاول من الزمان والمكان والعوالم والمذاقات : غير الانسان الذي بعيش في ذلك الحجر الضيق ويصارع الآخرين عليه بلا انتظار لعوض عما يفوته ولا جزاء لما يفعله وما يفعل به ، الا في هذه الارض التي ملؤها شقاء وبلاء وعناء. انما يزاول المسلم هذه الحياة وهو يشعر انه اكبر منها وأعلى. ويستمتع بطيباتها أو يزهد فيها. فهو يستحقر كل ما فيها مقابل ما يعلم من لذائذ ما بعدها فلا يفرح بها لعلمه بحقارتها ولا يأسف عليها لعلمه بعظمة ما بعدها حين فراقها ، ونيل ما لا يقدر بمقدار من جميع الجهات.
اما أهل الدنيا فانهم أشقياء في دنياهم وآخرتهم ، فيأسفون على فوات هذه الحياة المملوءة بالمتاعب والبلايا ، والويل له حينما تتجلى له الحياة الآخرة بعذابها وعقابها الذي لا ينقطع ابدا :
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا)
هذا مصير الذين كانوا يقولون في الدنيا : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ).
وهذا هو مشهدهم الان ذلك المشهد المخزي المهين وهم موقوفون في حضرة خالقهم العظيم.
(قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وهو مصير يتوافق مع جرائمهم وسفالتهم البشعة.
وحين ان : (قالُوا : يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ).