وليس الذي ينقصهم هو الآيات الداعية الى الايمان ولا العلامات الدالة على صدق الدعوة والداعية ، وانما تنقصهم الرغبة في الاستجابة ، ويمسك بهم العناد والاصرار (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ).
وحين الاعراض متعمدا مع توافر الادلة ووضوح الحقائق فان التهديد بالبطش قد يحدث هزة تتفتح منها نوافذ الفطرة (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
ويتركهم امام هذا التهديد يتوقعون في كل لحظة (أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ ..) ألم يروا مصارع الاجيال الغابرة ، لما عصوا ربهم فأخذهم الله بذنوبهم ومضوا لا تحفل بهم الارض ، فما أهونهم على الله تعالى. انها حقيقة ينساها البشر بالعجل بمجرد ما تزول آثار الكارثة ، وتغيب عن الأعين انها الاهواء المهلكة.
وانه لمما يخدع الناس أن يروا الفاجر الطاغي ، أو الكافر الملحد ممكنا في الارض. ونهاية الطريق لا ترى الا مصارع الغابرين ، فيخدعهم ما يرون في حياتهم ويحسبونه نهاية الطريق وامامهم التاريخ القريب لم يعتبروا ولم يتعظوا ، وسيطر عليهم الهوى فأنساهم ذكر الله تعالى.
(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧))
البيان : انه ليس الذي جعلهم يعرضون خفاء الحقيقة وقلة البيان والبرهان انما هو المكابرة الغليظة والعناد الصفيق : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ).