من البشر ـ كخشبة الله القهار الجبار. الذي لا يعذب عذابه أحد. ولا يوثق وثاقه أحد ، (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) واذا هم يقولون في حسرة وخوف وجزع (رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ) وهو سؤال غريب من مؤمن ، وهل للنفاق آثار غير هذا. ويتبعون ذلك التساؤل بأمنية حسيرة (لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ).
ان أشد الناس حماسة واندفاعا وتهورا قد يكونون هم أشد الناس جزعا وانهيارا وهزيمة عندما يجد الجد وتقع الواقعة. (وهكذا كان أهل السقيفة يصنعون في أحد وحنين وخيبر وغيرهن).
وهذا الفريق الذي تعنيه هذه الآيات كان من ذلك الصف الذي يلذعه الاذى في مكة فلا يطيقه. فيندفع يطلب من الرسول ص وآله القتال ، فلما أن أمن هذا الفريق في المدينة ولم يعد هناك أذى ولا اذلال ، لم يعد يرى القتال مبررا أو ضرورة ، (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ ...)
وكان وجود هذه الطائفة في الصف المسلم ينشىء فيه حالة الخلخلة وينشىء فيه عدم التناسق وكان القرآن يعالج هذه الحالة بمنهجه الرباني ، (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى)
(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) انهم يخشون الموت ويريدون الحياة ، ولكن بعض الناس قد تهفو نفوسهم الى هذا القليل من الحياة ، فالموت حتم في موعده المقدر ، ولا علاقة له بالحرب والسلم.
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ).
ان الذين يقولون هذا القول ، وينسبون ما يصيبهم من الخير الى الله ، وما يصيبهم من الضرر الى النبي ص وآله هم المنافقون.
ان الله خلق الانسان وأوجد فيه ارادة واختيارا ، فاذا أمره