بفعل خير ، يكون قد هيأ له أسبابه واعانه على فعله ووعده بالمكافأة عليه ان فعله وأطاع الله فيما أمره به. فاذا أطاع العبد مولاه وفعل ما أمره به باختياره ، ينسب الى العبد انه فعله حقيقة لانه اراده واختاره ، ويستحق الثواب من الله لارادته واختياره لما أمره به. وينسب الى الله حقيقة لاعانته عليه.
واذا نهاه الله عن فعل شيء مخالف وفعل ما نهاه عنه بارادته واختياره ، ينسب فعل الشر الى العبد حقيقة لارادته ولاختياره لفعله بعد النهي والانذار له من خالقه ويستحق العقاب والعذاب على فعل للشر لارادته وفعله له باختياره.
وينسب فعل الشر الى الله عزوجل مجازا لانه تركه ولم يمنعه بالجبر والقوة ، ولو شاء أن يستعمل ارادته التكوينية ، لمنعه وحال بينه وبين ما أراده من فعل الشر لفعل لاتصافه بالقدرة المطلقة ، ولو لم يكن له القدرة الكاملة على منع عبده اذا أراد عصيانه لكان ذلك نقصا في قدرته الكاملة.
سأل ابو حنيفة الامام الكاظم (ع) عن القضاء والقدر وكان الامام صبيا فقال له (ع) :
ما يفعله العبد من الشر ، اما أن يكون من الله فقط فمن الظلم أن يعذب عبده على ما لم يفعله واما أن يكون من الله والعبد ، والشريك القوي أولى بالمؤاخذة من شريكه الضعيف. واما ان يكون ما فعله العبد من الشر من فعله فقط بعد انذار الله تعالى وتحذيره من فعله فان الله تعالى ان شاء جازاه وعاقبه وان شاء سامحه وعفى عنه فتعجب ابو حنيفة من ذلك.
وقال : الله اعلم حيث يجعل رسالته ، انهم أهل البيت زقوا العلم زقا. لسان الواقع.