بهذه اللمسة يتجه
المنهج القرآني الى رفع هذه النفوس الزكية ، والى انحصار رجائها برضا الله والجنة
واين الدنيا من الآخرة ، واين نعيم مشوه زائل من نعيم صافي دائم خالد فيها ما
تشتهي الانفس وتلذ الاعين
(وَما لَكُمْ لا
تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ
وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ
لَدُنْكَ نَصِيراً (٧٥))
البيان
: ان الله عزوجل يتعجب ممن يدعي الايمان ، والايمان يدعوه الى الجهاد وهو
يتباطأ ، ويرى بعينيه المستضعفين كيف يسومهم العدو سوء العذاب ولا تأخذه الغيرة
والحمية الى النهوض لنصرة هؤلاء الضعفاء ، ولا يدفعه ايمان لهذا الجهاد ولكن قعوده
قد برهن على عدم صدقه في دعواه. فلذا يتعجب كيف تقعدون عن القتال في سبيل لاستنفاذ
هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الصغار ، الذين ترتسم صورهم في مشهد
مثير لحمية كل من لديه أدنى غيرة او مروءة أو كرامة هؤلاء الذين يعانون اشد المحنة
والفتنة في دينهم وعقيدتهم ، والنفس والعرض ، وحق المال والارض.
ومشهد المرأة
المسكينة ، وبخاصة حين يكون الدفع عن الدين والعقيدة ، وهذا المشهد كله معروض في
مجال الدعوة الى الجهاد ، وهو وحده يكفي لاستفزاز كل غيور ، وصاحب احساس.
ان راية المسلم
التي يحامي عنها هي عقيدته ووطنه الذي يجاهد من أجله ، وهي بلده التي تقام فيها
شعائر الاسلام ـ (وَمَنْ يُعَظِّمْ
شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) وكل تصور للوطن غير هذا فهو خارج عن نظام الاسلام ، وخارج
عن حدود الدين والايمان وهو من الجاهلية.
(الَّذِينَ آمَنُوا
يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ
الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ
ضَعِيفاً (٧٦))