البيان : في لمسة واحدة يقف الناس على مفرق الطريق ، وفي لحظة واحدة ترتسم الاهداف وتتضح الخطوط ، وينقسم الناس الى فريقين اثنين : فريق يقاتل في سبيل الله وفريق يقاتل في سبيل الطاغوت ، فريق يقاتل للدنيا والشيطان ومصيره لا محالة الى النار ، وفريق يقاتل لله والجنة.
فكل من لم يكن قتاله لأجل اعلاء كلمة الله فهو يقاتل في سبيل الشيطان والطاغوت. وهكذا يقف المسلم على ارض اصلب من الفولاذ ، مستندا الى حصن حصين وركن وثيق. ملؤه فؤاده يقين بان الربح حليفه سواء قتل عدوه وانتصر عليه او قتله عدوه ونال منه.
و (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) اما النصر او الشهادة.
من هذا التصور الحقيقي انبثقت تلك الخوارق الكثيرة التي حفظها التاريخ من الجهاد في سبيل الله في حياة الجماعة المسلمة الاولى ، والتي تناثرت على مدى التاريخ في أجيال كثيرة.
ومن هذا التصور كان ذلك المدى الاسلامي العجيب ، في أقصر فترة عرفت في التاريخ. فقد كان هذا التصور جانبا من جوانب التفوق الذي حققه المنهج الرباني للجماعة المسلمة ، على المعسكرات المعادية ، ذلك التفوق الذي أشرنا اليه من قبل ولما تخلف المسلمون انخذلوا.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧)
أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً