فان قسم الله له الشهادة ، فقد فاز بمنازل الشهداء ، وان كتب له النصر فرح بعون الله له ، وقهر الاعداء ، وعلى كل الوجهين هو فرح ورابح ، لا يدنو اليه ندم او خسران.
وهذا هو الافق الذي أراد الله ان يرفع المسلمين اليه ، وهو يرسم لهم هذه الصورة المنفرة لذلك الفريق المنافق (منهم) وهو يكشف لهم عن المندسين في الصف ولم تكن له غاية سوى الدنيا وليأخذوا حذرهم منهم الانخداع بأباطيلهم وحيلهم الخداعة ، لانهم أعداء الحق والعدل.
(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ)
هنا يأتي الاستنهاض للجماعة المسلمة ، فالاسلام لا يعرف قتالا الا في سبيل الله ، ولا يتعرف على قتال انشىء للغنيمة والكسب المادي ، ولا لمجرد القهر والغلبة للناس وان كانوا أبرياء.
ان الاسلام لا يقاتل لمجد شخص ولا لمجد بيت ، ولا لمجد طبقة ، ولا لمجد دولة ، ولا لمجد امة. انما يقاتل في سبيل الله لاعلاء كلمة الدين لجهاد الاشرار والظالمين ، والماكرين والمضللين يقاتل الاسلام لبسط الحق والعدل بين العباد ، والرفاهية والازدهار للبلاد.
وبذلك ينال المجاهدون المقام الرفيع عند الله وعند الاخيار والصلحاء ، في الدنيا والآخرة والذين يقاتلون وغايتهم الدنيا وغنائمها ، أو القهر والغلب كيفما قدروا عليها ويصفون قتلاهم بانهم شهداء كذبا وافتراء على الله وعلى أرباب البصائر النيرة الذين لا ينخدعون بتلك الخدع البراقة التي لا ينخدع بها الا الهمج الرعاع اتباع كل ناعق ويميلون مع كل ريح :
(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ ، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)