جوار العظيم الكريم ، وهذه الصحبة لهذا الرهط العلوي. انما هي فضل من الله ، انما هو الفضل الواسع الغامر الفائض العميم الذي يجود به الله العظيم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣) فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (٧٤))
البيان : ان السياق يسلط الاضواء الكاشفة عليهم ، وعلى دخيلة نفوسهم ، ويرسم حقيقتهم النفرة على طريق القرآن التصويري العجيب ، فهاهم أولاء بكل بواعثهم مكشوفون للاعين كما لو كانوا قد وضعوا تحت مجهر ، يكشف النوايا والسرائر ، ويكشف البواعث والدوافع. هاهم كانوا أولاء على عهد الرسول ص وآله ، كما يكونون في كل زمان وكل مكان. وهاهم أولاء ضعافا منافقين ملتوين ، لا يعرفون غاية أعلى من صالحهم الشخصي المباشر فمنهم من يريد الدنيا كلها دون سواها ، يتخلفون عن المعركة فان أصابت المجاهدين محنة ، فرح المتخلفون ، وحسبوا أن فرارهم نجاهم من الابتلاء (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ (لَيَقُولَنَّ ...) (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً).
انها أمنية الفهم الضعيف بالغنيمة التي يقولون عنها (فَوْزاً عَظِيماً) والمؤمن الصحيح لا يكره الفوز والغنيمة ، ولكن التصور الكلي للمؤمن غير هذا التصور الذي يرسمه التعبير القرآني لهذه الفئة من المنافقين الجبناء ، ان المؤمن اذا دعاه الجهاد خرج غير متثاقل ـ خرج يسأل الله (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) اما النصر واما الشهادة ، وكلاهما فضل من الله ، وكلاهما فوز عظيم.