(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣))
البيان : هنا فجوة كبيرة في السياق ، فانه لم يذكر أن عيسى قد ولد بالفعل ولا ان امه واجهت به القوم فكلمهم في المهد ، ولا انه دعا قومه وهو كهل ، ولا انه عرض عليهم المعجزات التي ذكرت في البشارة لامه (كما جاء في سورة مريم). وهذه الفجوات ترد في القصص القرآني ، لعدم التكرار في العرض من جهة وللاقتصار على الحلقات والمشاهد المتعلقة بموضوع السورة وسياقها من جهة أخرى.
والان لقد أحس عيسى الكفر من بني اسرائيل ـ بعد ما أراهم تلك المعجزات التي يستحيل حصولها من المخلوقين ، والتي تشهد بان الله وراءها ، وان قوة الله تؤيدها وتؤيد من جاءت على يده ، ثم على رغم من أن المسيح جاء ليخفف عن بني اسرائيل بعض القيود والتكليف ، عندئذ دعا دعوته :
(قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) ، من انصاري مع الله على اظهار دين الله وتطبيق منهجه ونظامه. ولا بد لكل من حكم ضميره وينتصر على هواه أن يلبي دعوة رسول الله وينهض معه في أداء رسالته وتبليغ أوامر ربه : (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ. آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
فذكروا الاسلام بمعناه العام الذي هو حقيقة دين الله في كل زمان ومكان يعني الاستسلام. ثم اتجهوا الى ربهم. وفي هذا التوجه لعقد البيعة مع الله لفتة ذات قيمة ، يعني أن عهد المؤمن يجب أن يبتدىء مع ربه فلذا قال في القرآن المجيد :