وقد شاء الله ـ بعد نشأة آدم من تراب مباشرة ـ ان يجعل لاعادة النشأة الانسانية طريقا آخر غير الذكر والانثى ، وغير المألوف والمعروف لدى البشر من أول الخليقة.
وهكذا بشرت الملائكة مريم بكلمة من الله اسمه المسيح عيسى بن مريم ، فتضمنت البشارة كذلك صفته ومكانته من ربه ، وأرادت القدرة الالهية فكان ما أرادت (كُنْ فَيَكُونُ).
وحين يرد الامر الى هذه الحقيقة الاولية يذهب العجب ، وتزول الحيرة ، ويطمئن قلب أهل الايمان ويعود على نفس الانسان : كيف عجبت من هذا الامر الفطري الواضح البديهي (كُنْ فَيَكُونُ).
وهكذا كان القرآن ينشىء التصور الاسلامي لهذه الحقائق الكبيرة بمثل هذا اليسر الفطري القريب (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) ويفيد هذا النص ان رسالة عيسى (ع) كانت خاصة لبني اسرائيل وحرص النص على أن يذكر على لسان المسيح (ع) ـ كما هو مقدر في غيب الله عند البشارة لمريم ـ ان كل خارقة حصلت على يد المسيح (ع) انما جاءت من عند الله وباذن الله. وارادته ومشيئته وما المسيح الا مظهر من مظاهر تلك الخارقة حيث جرت على يده باذن الله القدير العظيم.
فالاسلام يعلن حقيقة التصور الاعتقادي التي قام عليها دين الله كله وكل المعجزات التي جرت على يد رسله وأوليائه انما هي باذن الله تعالى وبارادته كانت وظهرت ، وكل رسول كان يعترف بما حصل على يده انه بارادة الله وقدره وانه عبد لا يقدر الا على ما اقدره خالقه. فتوحيد الله وطاعة الرسول والنظام الذي جاء به (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ، وما عداه انحراف واعوجاج من فعل الشيطان الرجيم وحزبه الخاسرون.