وكل ما يذكر قرآن الاسلام في ذلك الوقت من هذا الحادث ، هو من أنباء الغيب لا من نقل ناقل أو عن تاريخ غابر ، بل ان هو الا عن وحي يوحى علمه (شَدِيدُ الْقُوى) وعلام الغيوب الخبير اللطيف.
(إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦) قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١))
البيان : لقد تأهلت مريم ـ اذن ـ بالتطهر والقنوت والعبادة لتلقي هذا الفضل واستقبال هذا الحدث الهائل ، وها هي ذي تتلقى ـ لأول مرة ـ التبليغ عن طريق الملائكة بالامر الخطير.
انها بشارة كاملة وافصاح عن الامر كله ، بشارة بكلمة من الله اسمه المسيح عيسى بن مريم. فالمسيح بدل من الكلمة في العبارة ، وهو الكلمة في الحقيقة ، فماذا وراء هذا التعبير.
ان هذه وأمثالها من أمور الغيب التي لا مجال لمعرفة كنهها على وجه التحديد .. ربما كانت من الذي عناه الله بقوله : (أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) ...
ولكن الامر أيسر من هذا اذا اردنا فهم طبيعة هذه الحقيقة الفهم الذي يصل القلب بالله وصنعته وقدرته ومشيئته الطليقة.