البيان : أنه سؤال التعجيب والتشهير من الموقف المتناقض الغريب. موقف الذين اوتوا نصيبا من الكتاب. وهو التوراة لليهود ومعها الانجيل للنصارى. وكل منهما قد أوتى (نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) باعتبار ان كتاب الله هو كل ما انزل على رسل الله السابقين ومنهم موسى وعيسى (ع) وقد قرروا جميعا وحدة الالوهية. ووحدة قوامته. فهو كتاب واحد في حقيقته. أوتى اليهود نصيبا منه. وأوتى النصارى نصيبا منه. وأوتى المسلمون الكتاب كله باعتبار ان القرآن المجيد جامعا لما سبق وشاملا لما يحتاج اليه العصر الحاضر. والاجيال المقبلة في العصور الآتية. من اصول الدين وفروعه. وما يلازم ذلك. وهذا القرآن الجامع المانع مصدق لما بين ايديهم من الكتب.
سؤال التعجيب من هؤلاء (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) وها هم يدعون الى كتاب الله عزوجل ليحكم بينهم فيما يختلفون فيه. فلا يستجيبون لهذه الدعوة الحقة العادلة. المنزلة من عند الله.
عجيب تخلفهم وامتناعهم واعراضهم عن الحق والعدل المنزل من عند الله بادلة قاطعة لا تقبل التشكيك. الامر الذي يتناقض مع دعواهم الايمان بالله ورسله وكتبه. والذي لا يستقيم مع دعواهم انهم اهل كتاب منزل من عند الله عزوجل.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ. يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ).
ان الله يتعجب من دعواهم الكاذبة. ويتعجب ممن يعتبرهم اهل كتاب. وهم معرضون عن الاحتكام الى كتاب الله في امور الاعتقاد وامور الحياة. فاذا كان هذا التعجب من الله بالنسبة لليهود والنصارى حين يعرضون عن الاحتكام الى القرآن المجيد مع انكارهم له.
ألا يكون الاعجب والاغرب من المسلمين الذين يدعون الايمان به