ومنها أنّه لو كان الاستصحاب حجّة ، لوجب فيمن علم زيدا في الدّار ولم يعلم بخروجه منها أن يقطع ببقائه فيها. وكذا كان يلزم إذا علم بأنّه حيّ ، ثم انقضت مدّة لم يعلم فيها بموته أن يقطع ببقائه ، وهو باطل.
وقال في محكيّ الذريعة : «قد ثبت في العقول : أنّ من شاهد زيدا في الدّار ثم غاب عنه ، لم يحسن اعتقاد استمرار كونه في الدّار إلّا بدليل متجدّد.
______________________________________________________
وإنّما لا يسمى استصحابا ، لأن الاستصحاب ملاكه الحالة السابقة ، وهذا ملاكه : الفحص وعدم الوجدان.
(ومنها) أي : من أدلة النافين لحجية الاستصحاب مطلقا : (أنّه لو كان الاستصحاب حجّة لوجب فيمن علم زيدا في الدّار ولم يعلم بخروجه منها أن يقطع ببقائه فيها) ولو بعد عشر سنين ـ مثلا ـ.
(وكذا كان يلزم إذا علم بأنّه حيّ ، ثم انقضت مدّة لم يعلم فيها بموته) كخمسين سنة مثلا (أن يقطع ببقائه ، وهو باطل) فالاستصحاب باطل.
أقول : كأنّ المستدل استدل بالتلازم بين الحجية والقطع ، فقال : إن كل ما كان حجة فهو موجب للقطع ، والاستصحاب حجة فهو موجب للقطع.
وفيه : إنه لا تلازم بين الحجة وبين القطع.
نعم ، التلازم في عكسه ، وهو أنه كل ما كان قطع فهو حجة.
(وقال في محكيّ الذريعة) في تقريب نفي الاستصحاب بهذا الدليل («قد ثبت في العقول : أنّ من شاهد زيدا في الدّار ، ثم غاب عنه ، لم يحسن اعتقاد استمرار كونه في الدّار) ولو بعد عشرين سنة (إلّا بدليل متجدّد) يدل على بقائه في الدار هذه المدة.