إمّا لحكومته ابتداء على نفي الضرر ، وإمّا لتعارضهما والرجوع إلى الأصل.
ولعلّ هذا أو بعضه منشأ إطلاق جماعة وتصريح آخرين بجواز تصرف المالك في ملكه وإن تضرر الجار : بأن يبني داره مدبغة أو حماما أو بيت القصارة
______________________________________________________
يدور بين إضرار الغير بغرس الأشجار ، وبين إضرار النفس بحرمانها من النظارة والجمال ، فيغرس الأشجار لقاعدة السلطنة ، أو قاعدة نفي الحرج بالنسبة إلى المالك ، ويضمن ضرر الجار لقاعدة الضمان.
ثمّ إنّ المصنّف علّل الرجوع إلى قاعدة «نفي الحرج» بقوله : (إمّا لحكومته) أي : حكومة لا حرج (ابتداء على نفي الضرر ، وامّا لتعارضهما) أي : تعارض الضررين : ضرر الجار مع ضرر النفس (والرجوع إلى الأصل) بعد تساقطهما ، فان قاعدة لا حرج يحتمل ان تكون حاكمة على قاعدة لا ضرر ، فيرجع إلى قاعدة لا حرج ابتداء من دون حاجة إلى سقوط لا ضرر بالتعارض ، ويحتمل أن تكون قاعدة لا حرج في رتبة لا ضرر أو متأخرة عنها ، فيرجع اليها بعد اعتبار سقوط لا ضرر بالتعارض بين المالك والجار.
(ولعلّ هذا) الذي ذكرناه كله : من الرجوع إلى قاعدة السلطنة ، وحكومة لا حرج وما أشبه (أو بعضه) أي : بعض هذا الذي ذكرناه هو (منشأ إطلاق جماعة وتصريح آخرين بجواز تصرف المالك في ملكه وان تضرر الجار) بسبب هذا التصرف.
أمّا مثال ذلك فهو كما قال : (بأن يبني داره مدبغة) يدبغ فيها الجلود فيوجب أذى الجار بسبب الرائحة المنتنة (أو حماما) يستحم فيه الناس ، فيوجب دخان محرقته أذى الجار (أو بيت القصارة) لغسل الثياب ، فيوجب سريان رطوبتها