وقوله : «أبدا» ، هو إرادة عموم النفي ، لا نفي العموم.
وقد أورد على الاستدلال بالصحيحة بما لا يخفى جوابه على الفطن ،
______________________________________________________
الثالث : (وقوله : «أبدا») حيث ان ظاهره يتنافى مع إرادة السلب الجزئي إذ لا معنى لقولنا : ولا ينتقض بعض اليقين أبدا بالشك.
إذن : فالأمور الثلاثة تدل على ان ظاهر الرواية (هو إرادة عموم النفي) أي : السلب الكلّي الشامل لكل ما كان هناك يقين سابق وشك لا حق (لا نفي العموم) أي : السلب الجزئي حتى يكون مختصا بالوضوء.
وعليه : فإنّا لو سلّمنا أن العموم في الرواية وقع بعد النفي ، فإنه يستفاد منه السلب الكلّي أيضا ، لما ذكرنا : من قرينة لفظ «أبدا» ، ومن قرينة التعليل ومن قرينة كونه لتأسيس قاعدة كلّية ، فيكون حينئذ من قبيل : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (١) حيث معناه : السلب الكلّي لا كلّي السلب.
هذا (وقد أورد على الاستدلال بالصحيحة بما لا يخفى جوابه على الفطن) والتي منها : إنها مضمرة ، وفيه : ما قد عرفت سابقا : من عدم الضرر في إضمارها.
ومنها : عدم صحة الاعتضاد بأخبار الآحاد في المسائل الاصولية ، كما ذكره المحقق الخوانساري ، وفيه مضافا الى ما تقدّم من منع كون ما نحن فيه مسألة أصولية بحتة : أنا نمنع عدم صحة اعتضاد أخبار الآحاد في المسائل الاصولية ، إذ بعد ثبوت كون الخبر الواحد حجة يصح الاعتضاد به سواء في المسائل الأصولية أم المسائل الفرعية.
ومنها : عدم إمكان اجتماع اليقين مع الشك في مورد واحد حتى يصح النهي عن نقضه به ، وفيه : ان المراد باليقين آثار اليقين كما هو واضح.
__________________
(١) ـ سورة لقمان : الآية ١٨.