وجعل العلّة نفس اليقين يكون قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين» بمنزلة كبرى كليّة للصغرى المزبورة.
______________________________________________________
كما قال : (وجعل العلّة نفس اليقين) لا اليقين بالوضوء ، وحينئذ (يكون قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين») بالشك (بمنزلة كبرى كليّة للصغرى المزبورة).
وعليه : فيكون صورة القياس على التقرير المذكور هكذا : الوضوء متيقن سابقا ، وكلما تيقن الانسان بشيء فلا ينقضه إلّا بيقين مضاد له.
والحاصل : إنّه قيّد الوضوء في الرواية حيث قال عليهالسلام : فإنه على يقين من وضوئه ، إنّما هو من باب المورد لا من باب قيود العلّة ، وذلك لوجهين :
الأوّل : إن العرف يفهم منه هذا المعنى فإذا قال الطبيب ـ مثلا ـ : لا تأكل الرمّان لأنه حامض ، فهم منه : ان العلّة في عدم الأكل هو الحموضة ، لا ان العلّة هو خصوص الرمّان الحامض ، ولذا يرى العرف تعدّي النهي الى كل حامض من خلّ أو ليمون أو ما أشبه ذلك.
الثاني : إن الوضوء لو أخذ قيدا يكون العلّة أمرا تعبديّا مختصا بالوضوء حيث يصير معناه : لا يجب الوضوء لأنه على يقين من الوضوء ، ولا ينقض اليقين بالوضوء بسبب الشك فيه ، ومن المعلوم : أن التعليل بعلّة تعبّدية خلاف موازين البلاغة. لأنه لا يزيد السامع شيئا ، فهو مثل أن يقول : لا تأت الى دارنا ، لأنه يلزم عليك أن لا تأت الى دارنا.
وأمّا لو أهملنا تقييد اليقين بالوضوء ، فإنه يكون العلّة أمرا ارتكازيا حيث يصير معناه : لا يجب الوضوء لأنه على اليقين ، ولا ينقض اليقين بالشك ، وعدم نقض اليقين بالشك مرتكز عرفي وقاعدة عقلائية يجريها العقلاء في كل مورد من اليقين السابق والشك اللاحق.