وأمّا المتعارضان فليس في أحدهما دلالة لفظيّة على حال الآخر من حيث العموم والخصوص ، وإنّما يفيد حكما منافيا لحكم الآخر ، وبملاحظة تنافيهما وعدم جواز تحققهما واقعا ، يحكم بارادة خلاف الظاهر في أحدهما المعيّن ، إن كان الآخر أقوى منه ، فهذا الآخر الأقوى قرينة عقليّة على المراد من الآخر ، وليس في مدلوله
______________________________________________________
والصوم الضرري ، وما أشبه ذلك من الأحكام الأولية إذا كانت ضررية.
وعليه : فهذه الأدلة تضيّق دائرة الأحكام الأولية التي تشمل الضررية وغير الضررية لو لا هذه الأدلة الثانوية.
هذا حال الحاكم والمحكوم (وامّا المتعارضان فليس في أحدهما دلالة لفظيّة على حال الآخر من حيث العموم والخصوص) أي : ليس أحد الدليلين في المتعارضين معمّما للدليل الآخر ولا مخصّصا له (وإنّما يفيد حكما) مستقلا (منافيا لحكم الآخر).
ثم إنّ التنافي اما بالعموم المطلق مثل : اكرم العلماء ولا تكرم زيدا ، أو بالعموم من وجه مثل : اكرم العلماء ولا تكرم الفساق ، أو بالتباين مثل : اكرم العلماء ولا تكرم العلماء ، فلا يكون أحد الدليلين حاكما على الدليل الآخر.
(وبملاحظة تنافيهما) أي : تنافي المتعارضين (وعدم جواز تحققهما واقعا) حيث ان المولى لا يريد هذا المعارض وهذا المعارض في موضع المعارضة ، ولذلك (يحكم بارادة خلاف الظاهر في أحدهما المعيّن ان كان الآخر أقوى منه) في الدلالة ، كالخاص ـ مثلا ـ فانه أقوى دلالة فيقدم على العام ، وكذا إذا كان بينهما ظاهر وأظهر ، فانه يقدم الأظهر على الظاهر.
إذن : (فهذا الآخر الأقوى قرينة عقليّة على المراد من الآخر ، وليس في مدلوله