الآية : ١٩ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً).
عن سهل بن عثمان قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس. قال أبو إسحاق الشيباني : وذكره عطاء بن الحسين السوائي ، ولا أظنه إلا ذكره عن ابن عباس هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) قال : كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته : إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجوها ، وهم أحق بها من أهلها ، فنزلت هذه الآية في ذلك (١).
قال المفسرون : كان أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها ، أو قرابته من عصبته ، فألقى ثوبه على تلك المرأة ، فصار أحق بها من نفسها ومن غيره : فإن شاء أن يتزوجها تزوجها بغير صداق ، إلا الصداق الذي أصدقها الميت ، وإن شاء زوّجها غيره ، وأخذ صداقها ولم يعطها شيئا ، وإن شاء عضلها وضارها لتفتدي منه بما ورثت من الميت ، أو تموت هي فيرثها ، فتوفي أبو قيس بن الأسلت الأنصاري ، وترك امرأته كبيشة بنت معن الأنصارية ، فقام ابن له من غيرها يقال له حصن ، وقال مقاتل : اسمه قيس ابن أبي قيس ، فطرح ثوبه عليها فورث نكاحها ، ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها ، يضارها لتفتدي منه بمالها ، فأتت كبيشة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إن أبا قيس توفي وورث ابنه نكاحي ، وقد أضرني وطول عليّ ، فلا هو ينفق علي ولا يدخل بي ، ولا هو يخلي سبيلي. فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر الله». فانصرفت ، وسمعت بذلك النساء في المدينة ، فأتين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقلن : ما نحن إلا كهيئة كبيشة ، غير أنه لم ينكحنا الأبناء ، ونكحنا بنو العم. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
__________________
(١) رواه البخاري في صحيحه : التفسير / النساء ، باب : (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ..) ، رقم : ٤٣٠٣ ، الإكراه ، باب : من الإكراه ، رقم : ٦٥٤٩ ، وتفسير القرطبي ، ج ٥ / ٩٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ١ / ٤٦٥.
(٢) النيسابوري ، ١٢٣ ـ ١٢٤ ، وتفسير الطبري ، ج ٤ / ٢٠٩.