٣ ـ سورة آل عمران
قال المفسرون : قدم وفد نجران ، وكانوا ستين راكبا ، على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم :
فالعاقب أمير القوم ، وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبد المسيح.
والسيد إمامهم ، وصاحب رحلهم ، واسمه الأيهم.
وأبو حارثة بن علقمة ، وأسقفهم وحبرهم وإمامهم ، وصاحب مدراسهم ، وكان قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم ، وكانت ملوك الروم قد شرفوه وموّلوه ، وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده.
فقدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودخلوا مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات ، جباب وأردية ، في جمال رجال الحارث بن كعب ، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما رأينا وفدا مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «دعوهم». فصلوا إلى المشرق ، فكلم السيد والعاقب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أسلما». فقالا : قد أسلمنا قبلك. قال : «كذبتما ، منعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير». قالا : إن لم يكن عيسى ولد الله فمن أبوه؟ وخاصموه جميعا في عيسى ، فقال لهما النبي صلىاللهعليهوسلم : «ألستم تعلمون أنه لا يكون ولدا إلا ويشبه أباه؟» قالوا : بلى ، قال : «ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى أتى عليه الفناء؟» قالوا : بلى ، قال : «ألستم تعلمون أن ربّنا قيّم على كل شيء يحفظه ويرزقه؟» قالوا : بلى ، قال : «فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟» قالوا : لا ، قال : «فإن ربنا صوّر عيسى في الرحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث». قالوا : بلى ، قال : «ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ، ثم