عفان ، وكانا قد أسلفا في التمر ، فلما حضر الجداد (١) قال لهما صاحب التمر : لا يبقى لي ما يكفي عيالي إذا أنتما أخذتما حظكما كله ، فهل لكما أن تأخذا النصف وأضعف لكما؟ ففعلا ، فلما حل الأجل طلبا الزيادة ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنهاهما ، وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فسمعا وأطاعا وأخذا رءوس أموالهما (٢).
وقال السدي : نزلت في العباس وخالد بن الوليد ، وكانا شريكين في الجاهلية ، يسلفان في الربا ، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب» (٣).
الآية : ٢٨٠ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ).
قال الكلبي : قالت بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة : هاتوا رءوس أموالنا ولكم الربا ، ندعه لكم. فقالت بنو المغيرة : نحن اليوم أهل عسرة ، فأخرونا إلى أن تدرك الثمرة. فأبوا أن يؤخروهم ، فأنزل الله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) (٤) الآية.
الآية : ٢٨٥ ـ قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ).
عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : لما أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤] اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم ـ أراه ـ قالوا : سمعنا وعصينا ، قولوا : سمعنا وأطعنا ، غفرانك ربنا وإليك المصير». فلما اقترأها القوم وجرت بها ألسنتهم أنزل الله تعالى في إثرها : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ)
__________________
(١) أسلفنا : أعطينا مالا سلفا في ثمن التمر. والجداد : قطاف التمر.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٣ / ٧١.
(٣) الدر المنثور للسيوطي ، ج ١ / ٣٦٦.
(٤) أسباب النزول للنيسابوري ٧٨.