ابن عوف : فإنه جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بأربعة آلاف درهم صدقة ، فقال : كان عندي ثمانية آلاف درهم ، فأمسكت منها لنفسي ولعيالي أربعة آلاف درهم ، وأربعة آلاف أقرضتها ربي. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت». وأما عثمان رضي الله عنه فقال : علي جهاز من لا جهاز له ، في غزوة تبوك. فجهز المسلمين بألف بعير بأقتابها وأحلاسها ، وتصدق برومة ـ ركية كانت له (١) ـ على المسلمين ، فنزلت فيهما هذه الآية (٢).
وقال أبو سعيد الخدري : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم رافعا يده يدعو لعثمان ويقول : «يا رب ، إن عثمان بن عفان رضيت عنه ، فارض عنه». فما زال رافعا بده حتى طلع الفجر ، فأنزل الله تعالى فيه : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (٣).
الآية : ٢٦٧ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ).
عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر ، فجاء رجل بتمر رديء ، فنزل القرآن : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (٤).
عن السدي ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء قال : نزلت هذه الآية في الأنصار ، كانت تخرج إذا كان جذاذ النخل من حيطانها أقناء من التمر والبسر ، فيعلقونها على جبل بين أسطوانتين في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيأكل منه فقراء المهاجرين ، وكان الرجل يعمد فيخرج قنو الحشف ، وهو يظن أنه جائز عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء ، فنزل فيمن فعل ذلك : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) يعني القنو الذي فيه حشف ، ولو أهدى إليكم ما قبلتموه (٥).
__________________
(١) الأقتاب : جمع قتب ، وهو ما يوضع على ظهر البعير عند الركوب. والأحلاس : جمع حلس ، وهو ما يوضع فوق القتب. والركية : هي البئر. ورومة : اسم هذه البئر.
(٢) أسباب النزول للنيسابوري ، ص ٧٣.
(٣) تفسير القرطبي ، ج ٣ / ٣٠٦.
(٤) المستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ، وصححه وأقره الذهبي.
(٥) تفسير الطبري ، ج ٣ / ٥٥ ، والحاكم في المستدرك ، ج ٣ / ٣٨٥.