الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢٢٢) (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [سورة البقرة ، الآيتان : ٢٢٢ ـ ٢٢٣] فإنما الحرث حيث ينبت الولد ويخرج منه (١).
وقال المفسرون : كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة لم تؤاكلها ولم تشاربها ولم تساكنها في بيت ، كفعل المجوس ، فسأل أبو الدحداح رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، فقال : يا رسول الله ، ما نصنع بالنساء إذا حضن؟ فأنزل الله هذه الآية (٢).
الآية : ٢٢٣ ـ قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ).
عن سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، سمع جابر بن عبد الله يقول : كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها : إن الولد يكون أحول ، فنزل : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٣).
عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن مسلم ، عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات ، من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه فأسأله عنها ، حتى انتهى إلى هذه الآية : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش كانوا يتزوجون النساء ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة ، فأنكرن ذلك ، وقلن : هذا شيء لم نكن نؤتى عليه ، فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى في ذلك : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : إن شئت مقبلة وإن شئت مدبرة ، وإن شئت باركة ، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث ، يقول : ائت الحرث حيث شئت (٤).
__________________
(١) من دبرها أي : من جهة دبرها ، ولكن الإتيان في القبل. الحرث أي : موضع الزرع ، والمراد هنا موضع وضع ماء الرجل. تفسير القرطبي ، ج ٣ / ٨١.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٢ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ١ / ٢٥٨ ـ ٢٦٠.
(٣) زاد المسير لابن الجوزي ، ج ١ / ٣٢٣ ، ورواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. البخاري : التفسير / البقرة ، باب : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...) ، رقم : ٤٢٥٤ ، ومسلم : النكاح ، باب : جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها ، رقم : ١٤٣٥.
(٤) تفسير القرطبي ، ج ٣ / ٩٢ ، ورواه الحاكم أبو عبد الله في مستدركه ، ج ٢ / ٢٧٩ ، والنيسابوري ، ٦١ ـ ٦٢ ، والسيوطي ، ٣٨ ـ ٣٩.