منكم في الملأ العظيم محتبيا ، ليست فيهم حديدة». وأنزل الله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى آخر الآية ، فأظهر الله تعالى نبيه على جزيرة العرب ، فوضعوا السلاح وأمنوا ، ثم قبض الله تعالى نبيه ، فكانوا آمنين كذلك في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه وكفروا النعمة ، فأدخل الله عليهم الخوف ، وغيروا فغير الله بهم (١).
عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبيّ بن كعب قال : لما قدم النبي عليهالسلام وأصحابه المدينة ، وآوتهم الأنصار ، رمتهم العرب عن قوس واحد ، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ، ولا يصبحون إلا في لأمتهم ، فقالوا : ترون أنّا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين ، لا نخاف إلا الله عزوجل؟ فأنزل الله تعالى لنبيه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى قوله : (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥٥) يعني بالنعمة (٢).
الآية : ٥٨ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
قال ابن عباس : وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم غلاما من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقت الظهيرة ليدعوه ، فدخل فرأى عمر بحالة كره عمر رؤيته ذلك ، فقال : يا رسول الله ، وددت لو أن الله تعالى أمرنا ونهانا في حال الاستئذان. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
وقال مقاتل : نزلت في أسماء بنت مرثد ، كان لها غلام كبير ، فدخل عليها في وقت كرهته ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها. فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (٤).
__________________
(١) النيسابوري ٢٧٥ ، والسيوطي ٢٠١ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٥٥ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٥٧ ـ ٥٨.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك ، ج ٢ / ٤٠١ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ١٢ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨.
(٣) زاد المسير ، ج ٦ / ٦٠.
(٤) النيسابوري ٢٧٦ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٥٥.