وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ، ثم دخلوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه ، وتفرق عنه أهله ، وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف والنتن والقمامة ، ومات أبو عامر بالشام وحيدا غريبا (١).
الآية : ١١١ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ).
قال محمد بن كعب القرظي : لما بايعت الأنصار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة العقبة بمكة ، وهم سبعون نفسا ، قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله ، اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال : «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم». قالوا : فإذا فعلنا ذلك ، فما ذا لنا؟ قال : «الجنة». قالوا : ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل (٢) ، فنزلت الآية (٣).
الآية : ١١٣ ـ قوله تعالى : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ).
عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال : لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : «أي عم ، قل معي لا إله إلا الله ، أحاج لك بها عند الله». فقال أبو جهل وابن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لأستغفرن لك ما لم أنه عنه». فنزلت : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١١٣) (٤).
__________________
(١) النيسابوري ، ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، والسيوطي ١٥٠ ، وتفسير الطبري ، ج ١١ / ١٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ٨ / ٢٥٣.
(٢) لا نقيل : من الإقالة ، وهي طلب فسخ البيع بعد إبرامه. والمراد : لا نتراجع عن هذا العهد ، ولا نطلب التراجع عنه.
(٣) تفسير الطبري ، ج ١١ / ٢٧.
(٤) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. البخاري : التفسير / التوبة ، باب : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ) ـ