رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه ، فأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم ، ثم أمر جعفرا أن يقرأ عليهم القرآن ، فقرأ سورة مريم عليهاالسلام ، فآمنوا بالقرآن ، وأفاضت أعينهم من الدمع ، وهم الذين نزل فيهم : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) إلى قوله : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٨٣) (١).
وقال آخرون : قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ، ومعهم سبعون رجلا ، بعثهم النجاشي وفدا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عليهم ثياب الصوف ، اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام ، وهم بحيرا الراهب وأبرهليه وإدريس وأشرف وتمام وقثم وذر وأيمن ، فقرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة (يس) (١) إلى آخرها ، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا ، وقالوا : ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى. فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآيات (٢).
الآية : ٨٧ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ).
عن عثمان بن سعد قال : أخبرني عكرمة ، عن ابن عباس : أن رجلا أتى للنبي صلىاللهعليهوسلم وقال : إذا أكلت هذا اللحم انتشرت إلى النساء ، وإني حرمت عليّ اللحم. فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ). ونزلت : (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) [سورة المائدة ، الآية : ٨٨] (٣).
قال المفسرون (٤) : جلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما ، فذكّر الناس ووصف القيامة ، ولم يزدهم على التخويف ، فرقّ الناس وبكوا ، فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون الجمحي ، وهم : أبو بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وأبو ذر الغفاري ، وسالم مولى أبي حذيفة ،
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٦ / ٢٥٥.
(٢) النيسابوري ، ١٧٠ ـ ١٧٢ ، والسيوطي ، ١٠٩ ـ ١١٠.
(٣) زاد المسير ، ج ٢ / ٤١٠ ،
(٤) النيسابوري ١٧٢ ، والسيوطي ، ١١٠ ـ ١١١.