على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه». فأمر به فرجم ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) إلى قوله : (إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ) يقولون : ائتوا محمدا ، فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوا به ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا ، إلى قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤٤) [سورة المائدة ، الآية : ٤٤] قال : في اليهود ، إلى قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) [سورة المائدة ، الآية : ٤٥] قال : في اليهود ، إلى قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤٧) [سورة المائدة ، الآية : ٤٧] قال : في الكفار كلها (١).
الآية : ٤٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ).
عبد الرزاق قال : حدثنا معمر ، عن الزهري قال : حدثني رجل من مزينة ، ونحن عند سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : زنى رجل من اليهود وامرأة ، قال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي ، فإنه نبي مبعوث للتخفيف ، فإذا أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججناها عند الله ، وقلنا : فتيا نبي من أنبيائك. فأتوا النبي صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في المسجد مع أصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ، ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهما حتى أتى بيت مدراسهم ، فقام على الباب فقال : «أنشدكم الله الذي أنزل التوراة على موسى ، ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن». قالوا : يحمم ويجبه ويجلد. والتجبية : أن يحمل الزانيان على الحمار ويقابل أقفيتهما ، ويطاف بهما. قال : وسكت شاب منهم ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم سكت ألح به في النشدة (٢) ، فقال : اللهم إذ أنشدتنا ، فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال النبي عليهالسلام : «فما أول ما أرخصتم أمر الله عزوجل». قال : زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا ، فأخر عنه الرجم ، ثم زنى رجل من سراة الناس ، فأراد رجمه ، فأحال قومه دونه ، فقالوا : لا يرجم صاحبنا
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : الحدود ، باب : رجم اليهود وأهل الذمة في الزنا ، رقم : ١٧٠٠ ، والنيسابوري ١٦٥ ، والسيوطي ١٠٤ ، وزاد المسير ، ج ٢ / ٣٥٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٥٨ ـ ٥٩.
(٢) بيت مدراسهم : المكان الذي يدرسون فيه كتبهم. النشدة : السؤال بالله تعالى والقسم.