(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٦) ، فقال أسيد بن حضير : لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر (١)!!.
وروى الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة قالت : لمّا كان أمر عقدي ما كان ، وقال أهل الإفك ما قالوا ، خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة أخرى ، فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه ، فقال لي أبو بكر : بنيّة! في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس؟! فأنزل الله الرخصة في التيمم ، فقال أبو بكر : إنك لمباركة!!.
تنبيهان : الأول : ساق البخاري هذا الحديث من رواية عمرو بن الحارث وفيه التصريح بأن آية التيمم المذكورة في رواية غيره هي آية المائدة ، وأكثر الرواة قالوا : فنزلت آية التيمم ولم يبينوها. وقد قال ابن عبد البر : هذه معضلة ما وجدت لدائها دواء ، لأنّا لا نعلم أي الآيتين عنت عائشة. وقد قال ابن بطال : هي آية النساء. ووجهه بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء ، وآية النساء لا ذكر للوضوء بها ، فيتّجه تخصيصها بآية التيمم.
وأورد الواحدي [أي النيسابوري] هذا الحديث في أسباب النزول عند ذكر آية النساء أيضا. ولا شك أن الذي مال إليه البخاري : من أنها آية المائدة هو الصواب للتصريح بها في الطريق المذكور.
الثاني : دل الحديث على أن الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول الآية. ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء ، ووقع من أبي بكر في حق عائشة ما وقع.
قال ابن عبد البر : معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلىاللهعليهوسلم لم يصلّ منذ فرضت عليه الصلاة إلا بوضوء ، ولا يدفع ذلك إلا جاحد أو معاند ، قال : والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقديم العمل به ليكون فرضه متلوا بالتنزيل. وقال غيره : يحتمل أن يكون أول الآية نزل مقدّما مع فرض الوضوء ، ثم نزل بقيتها ، وهو ذكر التيمم في هذه القصة (٢).
__________________
(١) فتح الباري ، ج ٨ / ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، برقم ٤٦٠٨.
(٢) السيوطي : أسباب النزول ، ص ٩٩ ـ ١٠١.