وذكر المفسرون شرح هذه القصة ، قالوا : قال أبو رافع : جاء جبريل عليهالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوسلم واستأذن عليه فأذن له ، فلم يدخل ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «قد أذنّا لك يا رسول الله». فقال : أجل يا رسول الله ، ولكنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب. فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو ، قال أبو رافع : فأمرني أن لا أدع كلبا بالمدينة إلا قتلته ، حتى بلغت العوالي ، فإذا امرأة عندها كلب يحرسها ، فرحمتها فتركته ، فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فأمرني بقتله ، فرجعت إلى الكلب فقتلته ، فلما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقتل الكلاب جاء ناس فقالوا : يا رسول الله ، ما ذا يحل لنا من هذه الأمة التي تقتلها؟ فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما نزلت أذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ، ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها ، وأمر بقتل الكلب العقور ، وما يضر ويؤذي ، ودفع القتل عما سواهما وما لا ضرر فيه (١).
وقال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين ، وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم زيد الخير ، فقالا : يا رسول الله ، إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة ، فإن كلاب آل درع وآل حورية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب ، فمنه ما يدرك ذكاته ومنه ما يقتل فلا يدرك ذكاته ، وقد حرم الله الميتة ، فما ذا يحل لنا منها؟ فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) يعني الذبائح (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) يعني وصيد ما علمتم من الجوارح ، وهو الكواسب من الكلاب وسباع الطير (٢).
الآية : ٦ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ).
روى البخاري من طريق عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : سقطت قلادة لي بالبيداء ، ونحن داخلون المدينة ، فأناخ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونزل فثنى رأسه في حجري راقدا ، وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة ، وقال : حبست الناس في قلادة ، ثم إن النبي صلىاللهعليهوسلم استيقظ وحضرت الصبح ، فالتمس الماء فلم يوجد ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) إلى قوله تعالى :
__________________
(١) النيسابوري ، ١٦٠ ـ ١٦١ ، والسيوطي ، ٩٨ ـ ٩٩.
(٢) النيسابوري ١٦٢ ، والدر المنثور في التفسير بالمأثور ، ج ٢ / ٢٦٠.