قال أبو إسحاق : سمعت البراء يقول : لما نزلت هذه الآية : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم زيدا ، فجاء بكتف وكتبها ، فشكا ابن أم مكتوم ضرارته ، فنزلت : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (١).
الآية : ٩٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ).
نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة ، تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا ، وأظهروا الإيمان وأسروا النفاق ، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين فقتلوا ، فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم ، وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه (٢).
عن أشعث بن سواد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وتلاها إلى آخرها ، قال : كانوا قوما من المسلمين بمكة ، فخرجوا في قوم من المشركين في قتال ، فقتلوا معهم ، فنزلت هذه الآية (٣).
الآية : ١٠٠ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ).
قال ابن عباس ، في رواية عطاء : كان عبد الرحمن بن عوف يخبر أهل مكة بما ينزل فيهم من القرآن ، فكتب الآية التي نزلت : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ). فلما قرأها المسلمون قال حبيب بن ضمرة الليثي لبنيه ، وكان شيخا كبيرا : احملوني ، فإني لست من المستضعفين ، وإني لا أهتدي إلى الطريق. فحمله بنوه على سرير متوجها إلى المدينة ، فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت ، فصفق يمينه على شماله وقال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعتك يد
__________________
(١) رواه الشيخان في صحيحيهما. البخاري : الجهاد ، باب : قول الله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ..) ، رقم : ٢٦٧٦ ، ومسلم : الإمارة ، باب : سقوط فرض الجهاد عن المعذورين ، رقم : ١٨٩٨ ، والنيسابوري ، ١٤٧ ـ ١٤٩ ، والسيوطي ، ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) أي في تتمة الآية المذكورة ، وهو قوله تعالى : (قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً). انظر تفسير ابن كثير ، ج ١ / ٥٤١ ـ ٥٤٢.
(٣) تفسير القرطبي ، ج ٥ / ٣٤٥.