وعن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : مرّ رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومعه غنم ، فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم. فقاموا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه ، وأتوا بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) (١).
وعن جبير ابن أبي عمرو ، عن سعيد بن جبير قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية ، فمروا برجل في غنيمة له ، فأرادوا قتله ، فقال : لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال لا إله إلا الله ، وهو آمن في أهله وماله؟ فلما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكروا ذلك له ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) (٢).
وقال الحسن : إن أصحاب النبي عليهالسلام خرجوا يطوفون ، فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل ، فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه ، فلما غشيه بالسنان قال : إني مسلم إني مسلم ، فكذبه ثم أوحره السنان فقتله ، وأخذ متاعه وكان قليلا ، فرفع ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «قتلته بعد ما زعم أنه مسلم؟» فقال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذا. قال : «فهلا شققت عن قلبه ، لتنظر صادق هو أم كاذب؟» قال : قلت : أعلم ذلك يا رسول الله. قال : «ويك أنك لم تكن تعلم ذلك ، إنما بين لسانه». قال : فما لبث القاتل أن مات ، فدفن فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره ، قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره ، مرتين أو ثلاثا ، فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب ، قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
قال الحسن : إن الأرض تحبس من هو شر منه ، ولكن وعظ القوم أن لا يعودوا (٤).
وقال السدي : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسامة بن زيد على سرية ، فلقي مرداس بن نهيك الضمري فقتله ، وكان من أهل فدك ، ولم يسلم من قومه غيره ، وكان يقول :
__________________
ـ رقم : ٤٣١٥ ، ومسلم : في التفسير ، رقم : ٣٠٢٥ ، وزاد المسير ، ج ٢ / ١٦٩ ـ ١٧٠.
(١) سنن الترمذي في التفسير برقم ٣٠٣٠.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٥ / ١٤٢.
(٣) الدر المنثور للسيوطي ، ج ٢ / ٢٠١.
(٤) النيسابوري ، ١٤٥ ـ ١٤٧ ، والسيوطي ، ٨٤ ـ ٨٥.