إشارات الى قصص الأنبياء
أشارت الآيات [٣٨ ـ
٤٦] الى العبرة والعظة من قصة موسى (ع) ، ومن قصص غيره من الأنبياء في لمحة عاجلة.
لقد أرسل الله
موسى ومعه سلطان الهيبة وجلال النبوة ، إلى فرعون وملئه ، فأعرض فرعون عن موسى
واتهمه بالسحر والجنون ، فأغرق الله فرعون وجنده في البحر وألبسه ثوب الخزي
والندم.
وآية أخرى في عاد
قوم نبي الله هود (ع) ، حينما كذبوا نبيهم فأرسل الله ، جلّ جلاله ، عليهم ريحا
عاتية تحمل العذاب والدمار.
وآية ثالثة في
ثمود أمهلهم الله ثلاثة أيام ، ثم أرسل عليهم صاعقة فأصبحوا هالكين.
والحجارة التي
أرسلت على قوم لوط (ع) ، والريح التي ارسالات على عاد ، والصاعقة التي أرسلت على
ثمود ، كلها قوى كونية مدبرة بأمر الله سبحانه ، مسخّرة بمشيئته ونواميسه ، يسلطها
على من يشاء في إطار تلك النواميس فتؤدّي دورها الذي يكلّفها الله ، كأيّ جند من
جند الله.
آية رابعة في قوم
نوح (ع) ، فقد أهلكوا وأغرقوا لفسوقهم وكفرهم وخروجهم عن طاعة الله عزّ وعلا.
وللتنبيه الى
بدائع صنعه إيقاظا للعاطفة الدينية ، عاد السياق فذكر أنّ الله تعالى رفع السماء
ووسّعها ، وخلق الأرض ومهّدها ، وأعدّها لما عليها من الكائنات ومن كل شيء في هذه
الأرض ، ذكرا وأنثى ليكون ذلك وسيلة للعظة والاعتبار.
ثم يحث القرآن
الناس على أن يتخلّصوا من آثار المادّة والهوى والشيطان ، فرارا بدينهم ، وطمعا في
رحمة خالقهم ، وأن يلجئوا إلى حماه وفضله : (فَفِرُّوا إِلَى
اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥٠).
وتكشف الآيات عن
طبيعة المعاندين في جميع العصور ، فقد كذّبوا الرسل واتّهموهم بالجنون أو السحر ،
كأنّما وصى السابق منهم اللاحق ، وكأن الكفر في طبيعته ملّة واحدة ، والرسالات
كلها فكرة واحدة ، فمن كذّب برسول واحد فكأنّما كذّب برسل الله أجمعين.
(كَذلِكَ ما أَتَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ