المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الحشر» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الحشر بعد سورة البيّنة ؛ ونزلت سورة البيّنة فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك ؛ فيكون نزول سورة الحشر في ذلك التاريخ أيضا ؛ والحقّ أنها من السّور التي نزلت فيما بين غزوة بدر وصلح الحديبية ، لأنها نزلت في غزوة بني النّضير ، وكانت هذه الغزوة في السنة الرابعة من الهجرة.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في [الآية ٢] منها (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) وتبلغ آياتها أربعا وعشرين آية.
الغرض منها وترتيبها
نزلت هذه السورة ، في غزوة بني النضير من يهود المدينة ؛ وكانوا قد نقضوا عهدهم مع النبي (ص) فأمرهم أن يخرجوا من المدينة فأبوا ، وبعث إليهم عبد الله بن أبيّ رئيس المنافقين ألّا يخرجوا ، فإن قاتلهم المسلمون كانوا معهم عليهم ، وإن أخرجوهم خرجوا معهم ؛ فحاصرهم المسلمون ، حتى رضوا أن يخرجوا من المدينة ، على أنّ لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلّا آلة الحرب ، ولم يفعل المنافقون شيئا مما وعدوهم به ، وبهذا يظهر وجه ذكر هذه السورة بعد سورة المجادلة ، لأن الكلام فيهما يتناول ما كان من موالاة المنافقين لليهود.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.