تغيّرت حركتها حول نفسها أو حول الشمس سرعة أو بطئا ، لو تغيّر حجم القمر أو بعده عنها ، لو تغيّرت نسبة الماء الى اليابس فيها زيادة أو نقصا ... لو ... لو ... لو ، الى آلاف الموافقات العجيبة المعروفة والمجهولة التي تتحكم في صلاحيتها لاستقبال هذا النوع من الحياة وحضانته ، أليست هذه آية ، أو آيات معروضة في هذا المعرض الالهي؟
«وتنوع مشاهد هذه الأرض ومناظرها ، حيثما امتدّ الطرف ، وحيثما تنقلت القدم ، وعجائب هذه المشاهد التي لا تنفد : من واد وجبل ، ووهاد وبطاح ، وبحار وبحيرات ، وأنهار وغدران ، وقطع متجاورات ، وجنّات وأعناب ، وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان ... وكل مشهد من هذه المشاهد تتناوله يد الإبداع والتغيير الدائبة التي لا تفتر عن الإبداع والتغيير».
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢١)
خلق الله الإنسان ، ونفخ فيه من روحه ، وشق له السمع والبصر وزوّده بالحواس المتعددة ، ووسائل الإدراك المختلفة.
«وحيثما وقف الإنسان يتأمّل عجائب نفسه ، التقى أسرارا تدهش وتحيّر : تكوين أعضائه وتوزيعها ، وظائفها وطريقة أدائها لهذه الوظائف ، عملية الهضم والامتصاص ، عملية التنفّس والاحتراق ، دورة الدم في القلب والعروق ، الجهاز العصبي وتركيبه وإدارته للجسم ، الغدد وإفرازها وعلاقتها بنمو الجسد وانتظامه ، تناسق هذه الأجهزة كلّها وتعاونها وتجاوبها الكامل الدقيق ، وكل من هذه تنطوي تحتها عجائب وفي كل عضو وكل جزء من عضو خارقة تحيّر الألباب».
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (٢٢).
فبيد الله الخلق والرزق والهدى والضلال ، وأرزاق السماء تشمل الأرزاق المادية والمعنوية.
وفي السماء أسباب أقواتكم ، فالظواهر الفلكية ، وجريان الشموس والكواكب وتوابعها ، واختلاف الليل والنهار ، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ، وبثّ فيها من كل دابة ، وتصريف الرياح ، والسحاب المسخّر بين السماء والأرض ، كل هذه الظواهر ذلّلها الله لخدمة الإنسان ، فليس الرزق موقوفا