تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) [الآية ٢٣] ولا أحد يملك نفسه عند مضرة تناله أن لا يحزن ، ولا عند منفعة تناله أن لا يفرح ، وليرجع كل واحد منا في ذلك إلى نفسه؟
قلنا : ليس المراد بذلك الحزن والفرح اللذين لا ينفك عنهما الإنسان بطبعه قسرا وقهرا ؛ بل المراد به الحزن المخرج لصاحبه ، إلى الذهول عن الصبر والتسليم لأمر الله تعالى ، ورجاء ثواب الصابرين ، والفرح الطاغي الملهي عن الشكر ، نعوذ بالله منهما.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ) [الآية ٢٥] والميزان لم ينزل من السماء؟
قلنا قيل المراد بالميزان هنا العدل. وقيل العقل. وقيل السلسلة التي أنزلها الله تعالى ، على داود (ع). وقيل هو الميزان المعروف ، أنزله جبريل (ع) فدفعه إلى نوح (ع) وقال له : مر قومك يزنوا به.
فإن قيل : لم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) [الآية ٢٨] ، مع أن المؤمنين مؤمنون برسوله (ص)؟
قلنا : معناه يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى عليهماالسلام ، آمنوا بمحمد (ص) فيكون خطابا لليهود والنصارى خاصة ، وعليه الأكثرون. وقيل معناه : يا أيها الذين آمنوا ، يوم الميثاق اتّقوا الله ، وآمنوا برسوله اليوم. وقيل معناه : يا أيها الذين آمنوا بالله في العلانية باللسان ، اتّقوا الله وآمنوا برسوله في السر بتصديق القلب.