الموت ، وهم يجذبون الروح من الأظفار إلى الحلقوم ؛ وملك الموت يتناول الروح من الحلقوم ، فصحّت الإضافات كلها.
فإن قيل : لم قال تعالى : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً) [الآية ١٥] الآية ، وليس المؤمنون منحصرين فيمن هو موصوف بهذه الصفة ، وليست هذه الصفة شرطا في تحقّق الإيمان؟
قلنا : المراد بقوله تعالى : (ذُكِّرُوا بِها) أي وعظوا ، والمراد بالسجود الخشوع والخضوع والتواضع ، في قبول الموعظة بآيات الله تعالى ، وهذه الصفة شرط في تحقق الإيمان. ونظيره قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧)) [الإسراء]. الثاني : أنّ معناه إنّما يؤمن بآياتنا إيمانا كاملا ، من اتّصف بهذه الصفة ، وقيل المراد بالآيات فرائض الصلوات الخمس ، والمراد التذكير بها بالأذان والإقامة.
فإن قيل : قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨)) يدل على أنّ الفاسق لا يكون مؤمنا؟
قلنا : الفاسق هنا بمعنى الكافر ، بدليل قوله تعالى بعده : (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)) ، والتقسيم يقتضي كون الفاسق المذكور هنا كافرا ، لا كون كل فاسق كافرا ؛ ونظيره قوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)) [القلم] وقوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الجاثية : ٢١] ولم يلزم من ذلك ، أنّ كلّ مجرم كافر ، ولا أنّ كلّ مسيء كافر.
فإن قيل : ما الحكمة في العدول عن قوله تعالى : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)) في قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) [الآية ٢٢]؟
قلنا : لمّا جعله أظلم الظّلمة ، ثم توعد كلّ المجرمين بالانتقام منه ، دلّ على أن الأظلم يصيبه النصيب الأوفر من الانتقام ، ولو قاله بالضمير ، لم يفد هذه الفائدة.
فإن قيل : قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) [الآية ٢٨] سؤال عن وقت الفتح ، وهو يوم القضاء بين المؤمنين والكافرين ، يعنى يوم القيامة ، فكيف طابقه ما بعده جوابا؟
قلنا : لمّا كان سؤالهم سؤال تكذيب