والثاني : بأن خروج ما خرج من أدلة حرمة العمل بالظن لا يوجب جهة عموم في المفهوم ،
______________________________________________________
هذا (و) يندفع الوجه (الثاني : بأن) اللازم ، تخصيص الآيات الناهية بالبينة ، والفتوى وخبر العادل جميعا وبنسبة واحدة ، لان جميعها أخص من الآيات الناهية ، خصوصا مطلقا ، فلا يجوز ان نخصص الآيات الناهية أولا بخاص منها ، ثم نقلب النسبة بين العام والخاص الآخر ، ونقول : بأن النسبة انقلبت بينهما الى عموم من وجه ، فلا يجوز بعد الانقلاب أن نخصص العام بالخاص الآخر.
مثلا اذا ورد أولا : اكرم العلماء ، وورد ثانيا : لا تكرم فساق النحاة ، وورد ثالثا :
لا تكرم فساق العلماء ، فاللازم عدم اكرام كل الفساق من النحاة وغيرهم ، لا أن نخصص أولا : العلماء بفساق النحاة ، ثم نقول : صارت النسبة بين «أكرم العلماء غير فساق النحاة» ، وبين «لا تكرم فساق العلماء» عموما من وجه.
فالعالم الفقيه داخل في الاول فقط ، والنحوي الفاسق داخل في الثاني فقط.
والفاسق اللغوي هو مادة الاجتماع بينهما ، فلانه عالم ، داخل في : اكرم العلماء ، ولانه فاسق ، داخل في : لا تكرم فساق العلماء ، فيتعارض العامّان ويتساقطان بالنسبة اليه ، ويكون الاصل جواز كل من الاكرام وعدم الاكرام ، بالنسبة الى العالم الفاسق اللغوي.
وذلك لان (خروج ما خرج) كالبينة والفتوى ، وأمثالها (من أدلة حرمة العمل بالظن) حيث ان الفتوى والبينة ، ونحوهما ، يجوز العمل بها وان كان ظنا نوعيا لا يوجب العلم ، فان خروج مثل هذه الامور عن الآيات الناهية (لا يوجب جهة) خصوص في الآيات الناهية ، وجهه (عموم في المفهوم) حتى تنقلب النسبة بين هذا الخاص الثاني ، والعام الاول ، الى العموم من وجه ، بعد ان كانت النسبة