مطلقة بحيث يكون الرجحان للقول الثاني فيما يتبادر لنا. وقد أورد هؤلاء أحاديث في صدد التيسير على المعسر مطلقا مما فيه تأييد للقول الثاني. من ذلك حديث رواه الإمام أحمد عن أسعد بن زرارة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من سرّه أن يظلّه الله يوم لا ظلّ إلا ظلّه فلييسر على معسر أو ليضع عنه» (١). وحديث رواه الإمام نفسه عن بريدة قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من أنظر معسرا فله بكلّ يوم مثله صدقة ، وفي رواية مثلاه صدقة» (٢). وحديث رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه لعلّ الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه» (٣). وفي الأحاديث بالإضافة إلى تأييدها الإطلاق حثّ على التسامح والبرّ وتنويه بفضيلة إنظار المعسرين والتساهل معهم مما يتساوق مع التلقين القرآني.
تعليق على جملة
(الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ...)
لقد كانت هذه الجملة موضوع جدل كلامي بين أهل السنة والمعتزلة حيث أثبت الأولون حقيقتها وأنكرها الآخرون. ومما قاله الزمخشري إن الآية تعبير عما كان يزعم العرب في الجاهلية وتابعه في ذلك الطبري والبيضاوي. ولقد أورد المثبتون أحاديث نبوية منها ما ورد في الصحاح ولكنا لم نلمح منها ما في الجملة من مدى ومعنى. مثل حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسّه حين يولد فيستهلّ صارخا من مسّ الشيطان إيّاه إلا مريم وابنها واقرأوا إن شئتم (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٤) آل عمران : [٣٦]. وحديث رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كلّ بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بأصبعه حين يولد غير عيسى
__________________
(١) أورد هذه الأحاديث ابن كثير وهناك أحاديث أخرى من باب هذه الأحاديث فاكتفينا بما أوردناه.
(٢) أورد هذه الأحاديث ابن كثير وهناك أحاديث أخرى من باب هذه الأحاديث فاكتفينا بما أوردناه.
(٣) أورد هذه الأحاديث ابن كثير وهناك أحاديث أخرى من باب هذه الأحاديث فاكتفينا بما أوردناه.
(٤) التاج ج ٤ ص ٦٥.