استطراد إلى الفرار
من الوباء
لقد استطرد ابن كثير في سياق تفسير الآية الأولى إلى موضوع الفرار من الوباء وأورد حادثا في زمن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وحديثا عن النبي صلىاللهعليهوسلم رواه الشيخان عن ابن عباس جاء فيه : أن عمر خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أهل الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام ، فقال عمر لابن عباس : ادع لي المهاجرين الأولين فدعوتهم فاستشارهم فاختلفوا ، فقال بعضهم : قد خرجت لأمر ولا نرى أن نرجع عنه. وقال بعضهم : معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال : ارتفعوا عني. ثم قال : ادع لي الأنصار. فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين في الاختلاف فقال : ارتفعوا عني. ثم قال : ادع لي من كان هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه رجلان فقالوا : نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء. فنادى عمر في الناس : إني مصبّح على ظهر فقال أبو عبيدة : أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر : لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، وكان عمر يكره خلافه. نعم نفرّ من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا لها عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله. وجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيّبا في بعض حاجته فقال : إن عندي من هذا علما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه ، فحمد الله عمر بن الخطاب ثم انصرف» (١). وفي الحديث تعليم صحيح نبوي بليغ يجب الالتزام به.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ١٧٢ ـ ١٧٣.