(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)) [١٨٨]
(١) فريقا : هنا بمعنى قسما أو بعضا.
في الآية نهي موجه للسامعين المخاطبين عن أكل أموال بعضهم بالباطل أو التوسل بها مع الحكام بقصد أكل شيء من أموال بعضهم بغير حقّ وعن عمد وعلم وبيان ما في ذلك من إثم.
تعليق على الآية
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) ... إلخ
والآية فصل تشريعي جديد كما هو ظاهر ، وقد تلهم روحها أن الخطاب فيها موجه إلى المؤمنين ؛ وإن كان إطلاقه يفيد تلقينا مستمر المدى وشاملا لجميع الناس ، وقد يكون هذا الفصل نزل بعد فصل الصيام فوضع بعده أو يكون ذلك للمماثلة التشريعية.
وقد روى المفسرون (١) أن الآية نزلت في مناسبة شكاية أحد المسلمين للنبي صلىاللهعليهوسلم على آخر غصب له أرضا. فكلفه بإقامة البينة فعجز فكلّف المدعى عليه باليمين فهمّ بأن يحلف فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمّا إنه إن حلف على ما ليس له ليأكله ظلما ليلقينّ الله وهو عنه معرض. ثم قال : إنما أنا بشر وأنتم تختصمون إليّ ولعلّ بعضكم ألحن (٢) بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فلا يأخذنّ منه شيئا فإنما أقضي له قطعة من نار فليتحمّلها أو يذرها». فارتدع المدعى عليه عن اليمين وسلّم الأرض إلى صاحبها المدعي فلم تلبث أن نزلت الآية.
__________________
(١) انظر تفسير الآية في الخازن.
(٢) أحذق وأبلغ في الكلام وتنميقه.