قوله قدسسره : لأنّ الشكّ ... إلخ (١).
أقول : حاصل ما أفاده قدسسره في المتن أنّ الشكّ الملحوظ فيه الحالة السابقة ، مجرى الاستصحاب ، سواء كان شكّا في التكليف أو في المكلّف ، وهنا لم يلاحظ فيه الحالة السابقة ، سواء لم يكن له حالة سابقة أو كانت ولم تلاحظ ، امّا على سبيل الفرض أو لعدم المقتضى للملاحظة ، كما لو كان الشكّ في المقتضي ـ بناء على المختار ـ من عدم حجّية الاستصحاب فيه ، أو لوجود المانع ، كما لو علم إجمالا بارتفاع حكم معلوم في السابق وكان المشكوك من أطراف ما علم بالإجمال ، فانّ العلم الإجمالي مانع من إجراء حكم الشكّ في أطرافه بملاحظة حالتها السابقة (كما يأتي تحقيقه في محلّه إن شاء الله تعالى) ، فإن لم يمكن فيه الاحتياط ، فهو مجرى التخيير مطلقا ، وإن أمكن فيه الاحتياط ، فإن كان الشكّ فيه بأصل التكليف فهو مجرى البراءة ، وإن كان في المكلّف به فهو مجرى الاحتياط.
ويرد عليه : انّ مقتضى ما ذكره أنّه لو دار الأمر بين الحرمة والوجوب والإباحة ، أن يكون مجرى التخيير ، مع أنّه مورد البراءة ، وكذا لو دار الأمر بين الحرمة والوجوب ، لا لتعارض التعيّن ، فانّه قدسسره لم يستبعد في الفرض القول بالبراءة ما لم يستلزمه مخالفة عملية ، خصوصا إذا كانت الشبهة موضوعية كما ستعرف ، مع أنّ مقتضى ما ذكره أن يكون موردا للتخيير.
ودعوى رجوع التخيير إلى البراءة في مقام العمل ، هدم للأساس ، ولعلّه لأجل ما ذكر غيّر العبارة وأتى في الحاشية. وبعبارة اخرى أحسن ، لكن عدّها عبارة اخرى عمّا في المتن لا يخلو عن مسامحة ، فانّ مؤداهما متغايران. اللهمّ إلّا أن يلاحظ في ذلك اتحاد المطلب الذي تعلّق الغرض ببيانه بالعبارتين في الواقع ، وهو تشخيص مجاري الاصول على مختاره ، فعبّر عنه أوّلا بعبارة قابلة للنقض بما عرفت ، فلمّا رأى
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢ ، سطر ٣ ، ١ / ٢٥.