المحتمل ـ فضلا عن المشكوك ـ من المستقلّات العقليّة ، ولذا نحكم بوجوب الاجتناب عن محتملات الشّبهة المحصورة ، فكيف يعترف الخصم بجواز الأقدام عليه بالإجماع والعقل ، وإنّما اعترف الخصم بأنّ مشكوك الوجوب أو الحرمة أو موهومهما لا يجب مراعاته عقلا وإجماعا ، فالعقل والإجماع مؤمّنان عن المفسدة المترتّبة على فوت الواقع ، وأمّا مظنون الوجوب والحرمة فحيث لا عقل ولا إجماع يؤمّن المكلّف من تبعة مخالفة الواقع ، يجب عليه الاحتياط تحرّزا عن العقاب المحتمل ، فضلا عن مشكوكه ، ولم يعترف المستدلّ في مقدّمات دليله بأنّ العقاب المحتمل لا يجب التحرّز عنه ، فلاحظ.
قوله قدسسره : فتأمّل (١).
أقول : لعلّه إشارة إلى أنّ حكومة الاصول العملية على هذه القاعدة ، فرع اعتبارها كالاصول اللفظية ، وقد منع المستدلّ اعتبارها في صورة الظّن بالتكليف.
قوله قدسسره : «في الحاشية المنسوبة إليه في بيان وجه الأمر بالتأمّل ، بعد أن قال» : «إنّ التوقّف عن ترجيح الراجح أيضا ... الخ (٢).
أقول : هذا إذا كان الواقع منجّزا على المكلّف ، وهو في المقام أوّل الكلام.
إن قلت : إنّ العلم الإجمالي بثبوت تكاليف واقعية يوجب تنجّزها على المكلّف؟
قلت : ليس مبنى هذا الاستدلال على دعوى العلم الإجمالي ، وإلّا فيرجع إلى الدليل الآتي ، وحيث أنّ الواقع غير معلوم التنجّز على المكلّف ، لا مانع عن الرجوع في موارد الظّن إلى البراءة. والظاهر أنّ هذا هو مراد المجيب ، حيث قال : «إنّ وجوب
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١١١ سطر ٥ ، هامش ١ / ٣٨١.
(٢) فرائد الأصول : ص ١١١ سطر ٥ ، ١ / ٣٨١.