وهذا هو الذي نعتقده ، إذ لو كانت الأحاديث الضعيفة بهذا المقدار واقعاً ، فكيف يصحّ لمثل الشيخ المفيد أن يقول عن الكافي بأنّه من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدةً؟ وكيف يشهد من مثل النجاشي بأنّ الكليني كان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم؟
وثمّة شيء آخر يجب الالتفات إليه وهو كون الأحاديث الضعيفة في الكافي بحسب الاصطلاح ، غالباً ما تجد مضامينها أو نصوصها مخرّجة من طرق اخرى صحيحة في الأبواب نفسها التي اشتملت على تلك الضعاف فيما تتبّعناه. وهذا يعني أنّ شهرة الخبر روائيّاً لم تلحظ في هذا المنهج ؛ لأنّ أغلب الأسانيد التي أهملها اتّفقت متونها إمّا بالنّص تارةً أو المضمون اخرى مع المتون المروية بالأسانيد الصحاح ، ومع هذا فإنّ ما فاته من الصحيح غير قليل.
حكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليهالسلام :
قد تجد في الأوان الأخير من يخالف سيرة علماء الشيعة ، ويتشبّث بحكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليهالسلام ، ويستنصر لمقولة « الكافي كافٍ لشيعتنا » بعد تلطيفها! وينسب للكليني رحمهالله على أثر ذلك أشياء لا دليل عليها ، فتراه يجزم تارةً بأنّ للكليني صلاتٍ وتردّداً مع السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم ، ويؤكّد تارةً اخرى على أنّ كبار علماء الشيعة كانوا يأتون إلى الكليني ويسألونه وهو في مجالس سفراء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، وثالثة يتساءل : كيف لم يطلب أحد السفراء من الكليني كتابه لعرضه على الإمام عليهالسلام؟ وهلاّ حظي الكافي بعناية السفراء واهتمامهم ، مع أنّهم كانوا يولون العناية لما هو أقلّ شأناً من الكافي؟
وجميع هذا الكلام باطل ؛
أمّا عن الصِّلات والتردّد ، فاعلم أنّه لا توجد للكليني رواية واحدة في الكافي عن أيٍّ من السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم بلا واسطة ، مع أنّه استقرّ ببغداد قبل سنة ( ٣١٠ هـ ) ، ودخل إلى العراق قبل سنة ( ٢٩٠ هـ ) ، وحدّث عن بعض مشايخ بغداد موطن السفراء.
كما أنّ ثقة الإسلام لم يُكثر من الرواية عن أيٍّ من السفراء الأربعة بالواسطة ، بل لم تكن مرويّاتهم في الكتب الأربعة كثيرة ، بل هي نادرة فيها جدّاً ، ولعلّها لا تزيد على