خلاف للقرآن مجرد. فخلط ولجأ إلى الحرد. وهذا منهم تكذيب لله تعالى ورد لحكمه بلا كلفة.
ومن شنعهم الممزوجة بالهوس وصفاقة الوجوه قولهم : إنه لا حرّ في النار ، ولا في الثّلج برد ، ولا في العسل حلاوة ، ولا في الصبر مرارة وإنما خلق الله تعالى كلّ ذلك عند اللمس والذوق. وهذا حمق عظيم ، قادهم إليه إنكارهم الطبائع وقد ناظرناهم على ذلك. هذا مع قول شيخهم الباقلاني إن لقشور العنب رائحة ، وللزجاج والحصى طعما ورائحة ، وزادوا حتى بلغوا إلى أن قالوا إن للفلك طعما ورائحة ، فليت شعري متى ذاقوه أو شموه أو من أخبرهم بهذا ..؟ وهذا لا يعرفه إلا الله ثم الملائكة الذين هنالك ، ولكن من ذاق طعم الزجاج وشم رائحته فغير منكر أن يدعي مشاهدة الفلك ، ولمسه وشمه وذوقه.
ومن شنعهم قولهم إن من كان الآن على دين الإسلام مخلصا بقلبه ولسانه مجتهدا في العبادة إلا أن الله عزوجل يعلم أنه لا يموت إلا كافرا فهو الآن عند الله كافر ، وأنّ من كان الآن كافرا يسجد للنار وللصليب ، أو يهوديا أو زنديقا ، مصرحين بتكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا أن في علم الله تعالى أنه لا يموت إلا مسلما ، فإنه الآن عند الله مسلم.
قال أبو محمد : ما قال هذا مسلم قط قبل هشام الفوطي ، وهذه مكابرة للعيان وتكذيب لله عزوجل مجرد ، كأنهم ما سمعوا قط قول الله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) [سورة المنافقون : ٢] فسماهم مؤمنين ثم أخبر تعالى بأنه كفروا. وقوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) [سورة البقرة : ٢١٧]. فجعل الإسلام دينا لمن كان عليه إذ كان عليه ، وإن ارتد معه ومات كافرا. وقوله تعالى مخاطبا للمسلمين من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) [سورة النساء : ٩٤] ويلزمهم أن الذي يسلم أبوه ولا يسلم هو لأنه كان بالغا ثم مات أبوه فلم يرثه لكفره ثم أسلم ، أن يفسخوا حكمهم ويورثوه من أبيه ، لأنه عندهم كان إذ مات أبوه مؤمنا عند الله تعالى ، ويلزمهم أن من كان صبيا ثم عاش حتى شاخ أنه لم يكن عند الله قط إلا شيخا ، ولو جمع ما يدخل علمهم لقام منه سفر ضخم. وقالوا كلهم : إنه ليس على ظهر الأرض يهودي ولا نصراني يقر بقلبه أن الله تعالى حق.
قال أبو محمد : هذا تكذيب للقرآن على ما بينا قبل ومكابرة للعيان لأنا لا نحصي كم دخل في الإسلام منهم ، وصلح إيمانه وصار عدلا ، وكلهم لا يختلف في