عن النبي صلىاللهعليهوسلم كبير مع مخالفتهم في ذلك جميع أهل الأرض مؤمنهم وكافرهم ، ومخالفة كل لغة والمعقول والطبائع.
وقالوا كلهم : من قال إن النار تحرق أو تلفح ، أو أن الأرض تهتز أو تنبت شيئا ، أو أن الخمر تسكر ، أو أن الخبز يشبع ، أو أن الماء يروي ، أو أن الله تعالى ينبت الزرع والشجر بالماء ، فقد ألحد وافترى. وقال الباقلاني في آخر السفر الرابع من كتابه المعروف «بالانتصار في القرآن» : نحن ننكر فعل النار للتسخين والإحراق ، وننكر فعل الثلج للتبريد ، وفعل الطعام ، والشراب للشبع والري ، والخمر للإسكار ، كل هذا عندنا باطل محال ننكره أشد الإنكار ، وكذلك فعل الحجر لجذب شيء أو رده أو حبسه أو إطلاقه من حديد أو غيره هذا نص كلامه.
قال أبو محمد : وهذا تكذيب منهم لله عزوجل إذ يقول : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [سورة المؤمنين : ١٠٤] ولقوله تعالى : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [سورة ق : ٩] وقوله تعالى : (أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ) [سورة السجدة : ٢٧] الآية. وقوله تعالى : (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [سورة الحج : ٥].
وقد صككت بهذا وجه بعض مقدميهم في المناظرة فدهش وبلد. وهو أيضا تكذيب لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ يقول : «كلّ مسكر حرام» و «كلّ شراب أسكر حرام» (١) مع مخالفتهم لكل لغة ولكل ذي حس من مسلم وكافر ومكابرة العيان ،
__________________
(١) رواه بلفظ : «كل شراب أسكر فهو حرام» البخاري في الوضوء باب ٧١ ، والأشربة باب ٤ و ١٠. ومسلم في الأشربة حديث ٦٧ و ٦٨. وأبو داود في الأشربة باب ٥. والترمذي في الأشربة باب ٢. وابن ماجة في الأشربة باب ٩ و ١٠. ومالك في الأشربة حديث ٩. والدارمي في الأشربة باب ٨. وأحمد في المسند (٦ / ٣٦ ، ٩٧ ، ١٩٠ ، ٢٢٦). ورواه بلفظ : «كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام» البخاري في الأدب باب ٨٠ ، والأحكام باب ٢٢ ، والمغازي باب ٦٠. ومسلم في الأشربة حديث ٤٣ ، و ٧٤ و ٧٥. وأبو داود في الأشربة باب ٥ و ٧. والترمذي في الأشربة باب ١ و ٢. والنسائي في الأشربة باب ٤٠ و ٤٩ و ٥٣. وابن ماجة في الأشربة باب ٩ و ١٣ و ١٤. والدارمي في الأشربة باب ٨. ومالك في الضحايا حديث ٨. وأحمد في المسند (١ / ٢٧٤ ، ٢٨٩ ، ٣٥٠ ، ٢ / ١٦ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٩١ ، ٩٨ ، ١٠٥ ، ١٥٨ ، ١٧١ ، ١٨٥ ، ٤٢٩ ، ٥٠١ ، ٣ / ٦٣ ، ٦٦ ، ١١٢ ، ١١٩ ، ٢٣٧ ، ٣٦١ ، ٤٢٢ ، ٤ / ٤١٠ ، ٤١٦ ، ٤١٧ ، ٥ / ٣٥٦ ، ٦ / ٣١٤ ، ٣٣٢). وروي أيضا في الصحاح بألفاظ أخرى من طرق متعددة.